خطاب «الجماعة المهدّدة» والمقاومة والانتماء، يتكرّر في الملصقات المعروضة ضمن هذا القسم. ويظهر في تلك الملصقات التضاد التصويري بين الـ«نحن» والـ«هم». فتحديد هوية الـ«هم»، وتعيينها على أنّها الآخر المعادي، شرط أساسي ـ خلال الحرب ـ في تكوين الـ«نحن»، وتأمين الإجماع حولها. من هذا المنظور، فإنّ الإستقطاب الذي ينتج عن تصوير الذات في مقابل العدو، يبدو أساسياً في عملية تكوُّن المخيلة الجماعية، لدى كل فئة. ويكشف إنتقاء الملصقات عن التناقض الداخلي بين المجموعات السياسية، مثلما تجلّى في مراحل الحرب والجبهات المختلفة. كما أنّه يبيّن خوف الجماعات من تهديدات إقليمية، أو بالعكس، يعبّر عن انتمائها إلى أطر وطنية أوسع.
في مقابل الرموز التي تشير الى المعتدي الهمجي، أو الآلة الحربية المجرّدة من أي وجه، تنتصب صورة المقاومة الشعبية. وملصقات كتلك، تحوّل الجماعة المهدّدة إلى كتلة متّحدة، تتصدّى للعدو في مقاومة بطوليّة ومحقة. لكنّ صياغة كل معسكر لتجليّات العدوان وللصراع الاجتماعي، تأتي متناقضة لصياغة المعسكرات الأخرى.
وفي المتخيّل الجماعي، تُحاك أيضاً الروايات التي تربط الجماعات بأمكنة الانتماء. هكذا، توظَّف صور تلك الأمكنة كمواقع محمّلة بالرموز السياسية. فهي تؤمّن إلتحام الهوية الجماعية مع المكان، والتعبئة لاستعادة موطن/أراضي مهددة.
يمثل هذا الجزء الذي يتألّف من أقسام منفصلة، الحلقة المركزيّة للمعرض. فهو يتناول أربع ثيمات تختصر المواضيع السائدة في رسالة الملصق بشكل عام، على اختلاف الفئات التي أصدرته، وعلى اختلاف مراحل الحرب التي صدر فيها: الانتماء، إحياء الذكرى، الزعامة، الشهادة. يعالج كل محور نقطة الثقل التي تنطوي عليها ثيمة محدّدة في الفضاء التخاطبي للحرب اللبنانية، كما يكشف عن كيفية تمثُّل الأفكار السائدة من خلال تلك الثيمة. هكذا يسمح كل قسم برصد تعددية الخطاب السياسي، ومختلف أشكال التمثُّل البصري للفكرة ذاتها، مسلّطاً نظرة مركّزة تسمح بالمقارنة بين شتّى الفئات السياسية.