الزعامة ظاهرة خاصة تتحكّم بالبنيتين السياسيّة والاجتماعيّة في لبنان. وباعتبارها كذلك، فإنّ الأحزاب المختلفة، والجماعات السياسية، تقدّم ولاءً قوياً للقائد الزعيم، خصوصاً مؤسس الحزب. هكذا يظهر الولاء القوي للشخص بوضوح، من خلال طغيان موضوع الزعامة على الملصقات التي أنتجت في زمن الحرب اللبنانية. وبما أن كثيراً من الفئات السياسية كانت تتنازع على السلطة، فقد اضطلع القائد بدور شبه سماوي بصفته مـؤتمناً على جماعته.
يُحتفل بالقائد ـ خصوصاً بعد إغتياله ـ بوصفه الرمز البطولي، والمثال الأعلى الذي يعتمد عليه الحزب لضمان استمراريّته، وإضفاء صدقية على قضيّته. هكذا يدخل القادة وخطابهم المخلّد عالم الأسطورة، تثبّتهم بها الصور في لحظة عقائدية محكمة. فالمدينة، والشارع، والمحازبون، يقبعون تحت رقابة أنظارهم.
خيارات هذا القسم تركّز على خمسة قادة بارزين، كان لهم تمثيل كبير في الملصقات السياسية: أنطون سعادة (١٩٠٧-١٩٤٩)، وجمال عبد الناصر (١٩١٨-١٩٧٠)، وكمال جنبلاط (١٩١٧-١٩٨٢)، وموسى الصدر (١٩٢٨- اختفى في ١٩٧٨)، وبشير الجميّل (١٩٤٧-١٩٨٢).
يمثل هذا الجزء الذي يتألّف من أقسام منفصلة، الحلقة المركزيّة للمعرض. فهو يتناول أربع ثيمات تختصر المواضيع السائدة في رسالة الملصق بشكل عام، على اختلاف الفئات التي أصدرته، وعلى اختلاف مراحل الحرب التي صدر فيها: الانتماء، إحياء الذكرى، الزعامة، الشهادة. يعالج كل محور نقطة الثقل التي تنطوي عليها ثيمة محدّدة في الفضاء التخاطبي للحرب اللبنانية، كما يكشف عن كيفية تمثُّل الأفكار السائدة من خلال تلك الثيمة. هكذا يسمح كل قسم برصد تعددية الخطاب السياسي، ومختلف أشكال التمثُّل البصري للفكرة ذاتها، مسلّطاً نظرة مركّزة تسمح بالمقارنة بين شتّى الفئات السياسية.